الطبوغرافيا
طبوغرافية كوكب المريخ جديرة بالاهتمام, ففي حين يتكون الجزء الشمالي من الكوكب من سهول الحمم البركانية،وتقع البراكين العملاقة على هضبة تارسيس وأشهرها على الإطلاق أوليمبس مون وهو بدون شك أكبر بركان في المجموعة الشمسية ،نجد ان الجزء الجنوبي من كوكب المريخ يتمتّع بمرتفعات شاهقة ويبدو على المرتفعات اثار النيازك والشّهب التي ارتطمت على تلك المرتفعات. يغطي سهول كوكب المريخ الغبار والرمل الغني باكسيد الحديد ذو اللون الأحمر. تغطّي بعض مناطق المريخ أحيانا طبقة رقيقة من جليد الماء. في حين تغطي القطبين طبقات سميكة من جليد مكون من ثاني أكسيد الكربون والماء المتجمّد. تجدر الإشارة أن أعلى قمّة جبلية في النظام الشمسي هي قمّة جبل “اوليمبوس” والتي يصل ارتفاعها إلى 25 كم. أمّا بالنسبة للأخاديد، فيمتاز الكوكب الأحمر بوجود أكبر أخدود في النظام الشمسي، ويمتد الأخدود “وادي مارينر” إلى مسافة 4000 كم، وبعمق يصل إلى 7 كم.
صورة توضح الوضاءة المريخية من مرصد هابل الفضائي. المناطق الحمراء من اليسار إلى اليمين : ثارسيس ، تيرا العربية و اليسيام. المنطقة الداكنة في أعلى يسار مركز الصورة هي اسيداليا بلانيشيا. مسطح سرتس الكبير هو المنطقة المظلمة في يمين المركز.
الغلاف الجوي
لقد كانت أول الأخبار عن جو المريخ من سلسلة رحلات مارينر، حيث تم التأكيد على أن للكوكب غلاف الجوي رقيق جداً يصل إلى 0.01 بالنسبة لغلاف الأرض الجوي. يتألف هذا الجو الرقيق من CO2 في أغلبه حيث تصل نسبته إلى 95% من مكوناته.
ثم تم تحليل مكونات الجو بواسطة المركبة فايكينغ 1 لنصل إلى خلاصته عن تركيب الجو وهي كما في الجدول:
CO2 | 95.3% |
N2 | 2.7% |
Ar | 1.6% |
O2 | 0.3% |
CO | 0.07% |
H2O | 0.03% |
والضغط الجوي على سطح هذا الكوكب يقارب 1/100 من الضغط الجوي على سطح الأرض عند مستوى سطح البحر. وقد تم تلمس كمية ضئيلة جداً من الأوزون يصل تركيزها إلى 0.03 جزئ /مليون جزيء.ولكن هذا التركيز لا يحمي من الأشعة فوق البنفسجية الضارة.
ونلاحظ من الجدول أن نسبة بخار الماء في الجو ضئيلة جداً مما يجعل الجو جافاً. ولكن بسبب برودة سطح الكوكب فإن كمية بخار الماء الضئيلة هذه تكفي لإشباعه. ومع استمرارية انخفاض درجة الحرارة دون درجة الندى تبدأ الغازات وخاصة CO2 بالتكاثف والتجمد والسقوط على سطح الكوكب.
الغلاف الجوي الرقيق للمريخ مرئي في الأفق.
وتم رصد عواصف محلية على السطح وهي عبارة عن هبوب رياح قوية تتحرك بسرعة وتكون غيوم غبارية وزوابع تدور على السطح وتنقل التربة من مكان إلى آخر. وهذه الرياح التي تعصف على الكوكب لها كما على الأرض دورة رياح يومية ودورة موسمية. ولها تأثير كبير في عمليات الحت والتجوية على سطح الكوكب.ولأن كثافة الجو 2% من كثافة جو الأرض يجب أن تكون قوة الرياح أكبر بحوالي 7 إلى 8 مرات من قوة الرياح الأرضية حتى تستطيع أن تثير وتحمل الغبار وتكون زوابع.فالرياح الأرضية بسرعة 24 كلم بالساعة تثير هذه العواصف أما على المريخ فنحتاج إلى رياح بسرعة 180 كلم بالساعة لتقوم بمثل هذه العواصف.
ودعيت هذه التأثير بتأثير عُولس Eo`lian effect نسبة إلى اله الريح عُولس E`olus. ومن الأدلة الواضحة على تأثر عُولس لحركة الرياح هو الكثبان الرملية. حيث تحمل الرياح الرمال من مكان وتلقيها في مكان آخر. فنجد لها امتداداً واضحاً على سطح الكوكب.وعندما تثور كمية من الغبار فإن العاصفة تحافظ على بقائها بتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة حركية ريحية ،حيث تمتص الطاقة من الإشعاع الشمسي وتسخن الجو وتزيد من سرعة الرياح.فيلف الكوكب دثار مصفر من الزوابع. ولعدم وجود ماء يغسل الغبار من الجو فإنه يبقى عالقاً لعدة أسابيع قبل أن يستقر على السطح ثانية. ومن الغريب أن هذه الرياح تعصف بهدوء ومن دون أصوات فلا ينطبق عليها أصوات العواصف الهادرة الأرضية.
عاصفة رملية على المريخ ملتقطه عبر مسبار كوريوسيتي
مدار الكوكب ودورانه
المريخ هو رابع الكواكب بعداً عن الشمس. وأول كوكب له مدار خارج مدار الأرض ويبعد عن الشمس حوالي 228 مليون كلم بالمتوسط. شذوذية مركزيته e = 0.093 وهي كبيرة نسبياً، مما يدل على أن مداره إهليلجي بشكل واضح حيث يكون وهو في الحضيض على بعد 206 مليون كلم عن الشمس وعند وصوله إلى الأوج يصبح على بعد 249 مليون كلم عن الشمس.فنرى فرقاً واضحاً في البعدين وهذا يؤدي إلى تباين كمية أشعة الشمس الساقطة على سطحه بنسبة تصل إلى 45% بين الأوج والحضيض، أي بفارق 30 ْ س وما يتبع ذلك من تغيرات في مناخ الكوكب بين الموقعين.ودرجة الحرارة تتراوح على السطح بين الشتاء والصيف -144 ْس إلى 27 ْس أما في المتوسط فإن درجة الحرارة تقدر بحوالي –23 ْ إلى -55 ْ س.
ويقطع الكوكب هذا المدار في زمن يعادل 687 يوم أرضي، وأثناء دورانه في مداره هذا تحدث له عدد من الظواهر منها الاقتران.
مدار المريخ بالاحمر حول الشمس
قمرا المريخ
تم اكتشاف قمري المريخ في العام 1877 على يد “آساف هول” وتمّت تسميتهم تيمّناً بمرافقي الإله اليوناني “آريس”. يدور كل من القمر “فوبوس” والقمر “ديموس” حول الكوكب الأحمر، وخلال فترة الدوران، تقابل نفس الجهة من القمر الكوكب الأحمر تماما مثلما يعرض القمر نفس الجانب لكوكب الأرض.
دوران اقمار المريخ فوبوس وديموس حول المريخ
القمر فوبوس
فوبوس قطعة صخرية صغيرة غير منتظمة الشكل لا يزيد طولها عن 21 كم (13 ميلا) ويتم دورته حول المريخ كل 7.7 ساعات. يبدو القمر هرم نوعا ما. وتغشاه فوهات صدم متفاوتة القدم. ويلاحظ عليه وجود حزوز striations وسلاسل من فوهات صغيرة. يطلق أكبرها اسم ستيكني stickney الذي يقارب قطره 10 كم (6 أميال). يقوم القمر فوبوس بالدوران حول المريخ اسرع من دوران المريخ حول نفسه، مما يؤدي بقطر دوران القمر فوبوس حول المريخ للتناقص يوماً بعد يوم إلى أن ينتهي به الأمر إلى التفتت ومن ثم الارتطام بكوكب المريخ.
القمر فوبوس
القمر ديموس
ديموس هو أحد الأقمار التابعة لكوكب المريخ إلى جانب القمر فوبوس وهو عبارة عن قطعة صخرية صغيرة غير منتظمة الشكل لا يزيد طولها عن 12 كم(7 ميلا) ويتم دورته حول المريخ خلال 1.3 يوم. ولبعده عن الكوكب الأحمر، فإن قطر مدار القمر آخذ بالزيادة. ويبدو ديموس على شكل هرمي نوعاً ما. وتغشاه فوهات صدم متفاوتة القدم.
القمر ديموس
استكشاف المريخ
هناك ما يقرب من 44 محاولةإرسال مركبات فضائية للكوكب الأحمر من قِبل الولايات المتحدة، الاتحاد السوفيتي، أوروبا، واليابان. قرابة ثلثين المركبات الفضائية فشلت في مهمّتها أما على الأرض، أو خلال رحلتها أو خلال هبوطها على سطح الكوكب الأحمر. من أنجح المحاولات إلى كوكب المريخ تلك التي سمّيت بـ “مارينر”، “برنامج الفيكنج”، “سورفيور”، “باثفيندر”، و”أوديسي”. قامت المركبة “سورفيور” بالتقاط صور لسطح الكوكب، الأمر الذي أعطى العلماء تصوراً بوجود ماء، إمّا على السطح أو تحت سطح الكوكب بقليل. وبالنسبة للمركبة “أوديسي”، فقد قامت بإرسال معلومات إلى العلماء على الأرض والتي مكّنت العلماء من الاستنتاج من وجود ماء متجمّد تحت سطح الكوكب في المنطقة الواقعة عند 60 درجة جنوب القطب الجنوبي للكوكب.
في العام 2003، قامت وكالة الفضاء الأوروبية بإرسال مركبة مدارية وسيارة تعمل عن طريق التحكم عن بعد، وقامت الأولى بتأكيد المعلومة المتعلقة بوجود ماء جليد وغاز ثاني أكسيد الكربون المتجمد في منطقة القطب الجنوبي لكوكب المريخ. تجدر الإشارة إلى أن أول من توصل إلى تلك المعلومة هي وكالة الفضاء الأمريكية وان المركبة الأوروبية قامت بتأكيد المعلومة. باءت محاولات الوكالة الأوروبية بالفشل في محاولة الاتصال بالسيارة المصاحبة للمركبة الفضائية وأعلنت الوكالة رسمياً فقدانها للسيارة الآلية في فبراير من من نفس العام. لحقت وكالة الفضاء الأمريكية الرّكب بإرسالها مركبتين فضائيتين وكان فرق الوقت بين المركبة الأولى والثانية، 3 أسابيع، وتمكن السيارات الآلية الأمريكية من إرسال صور مذهلة لسطح الكوكب وقامت السيارات بإرسال معلومات إلى العلماء على الأرض تفيد، بل تؤكّد على تواجد الماء على سطح الكوكب الأحمر في الماضي. في الشكل أدناه خريطة لسطح المريخ تظهر أماكن تواجد أهم المركبات الأمريكية على سطحه.
رسم تخيليّ للمركبة مارس أوديسي
اقتران الأرض والمريخ
تمر الأرض بين الشمس وكوكب المريخ كل 27 شهر في حادثة تعرف باسم الاقتران، وفي هذه الحالة تقع الأرض والمريخ على مستوى واحد مع الشمس. وخلال هذا الوقت تصل المسافة بين الأرض والمريخ إلى أقل قيمة لها، ويبدو المريخ كقرص لامع أكبر من المعتاد؛ الأمر الذي يجعل هذا الوقت هو أفضل الأوقات لرصده ورصد المظاهر السطحية والمناخية له.
تأتي أفضل أوقات الاقتران مرة كل دورة مدتها حوالي من 15 إلى 17 سنة. ويرجع ذلك إلى أن مدار كوكب المريخ حول الشمس وكذلك مدار الأرض حول الشمس ليسا دائريين تماما؛ حيث تدور الأرض حول الشمس في مدار إهليلجي، وكذلك كوكب المريخ الذي يعتبر نسبيا أكثر إهليلجية من مدار الأرض، هذا بالإضافة إلى اختلاف سرعة دوران المريخ والأرض حول الشمس.
ويقع أدنى اقتراب للمريخ من الأرض في فترة زمنية تصل إلى عدة أيام بعد حصول الاقتران. وتتغير المسافة بين الأرض والمريخ في وضع الاقتران بين 55.63 مليون كم و100.8 مليون كم، ويحدث أفضل اقتران عندما تكون المسافة بين المريخ والأرض أقل ما يكون (أي على مسافة 55.63 مليون كم من الأرض، وهو ما يقع كل 15 إلى 17 سنة).
المياه تغير تاريخ المريخ
نشر موقع وكالة ناسا “NASA” للفضاء تقريرًا عن احتمال وجود مياه جوفية على سطح المريخ، ولوجود بعض الأخطاء العلمية الطفيفة فيما نشرته العديد من وكالات الأنباء عن الخبر قررت ناسا عمل مؤتمر صحفي للعالمين Michael C.Malin وKenneth S. Edgett صاحبَيْ الاكتشاف في 22 يونيو لتوضيح الخبر، كما سيتم نشر ورقة البحث في مجلة Science عدد 30 يونيو.
وهذا الاكتشاف قد يُغَيِّر تاريخ الاكتشافات على كوكب المريخ، فقد استطاع العلماء باستخدام الصور والبيانات المرسلة من سفينة الفضاء الخاصة بوكالة ناسا Mars Global Surveyor)MGS) والتي تقوم بالمسح الأرضي لكوكب المريخ، إدراك بعض المقومات التي تقترح وجود مصادر حالية للمياه على سطح الكوكب الأحمر، أو بالقرب من السطح على أعماق قريبة.
وكوكب المريخ كوكب صحراوي غير مُرَجَّح وجود المياه على سطحه، فمتوسط درجة الحرارة عليه أقل من الصفر، والضغط الجوي له ثلاثة أضعاف الضغط المُبَخِّر للمياه، لكن في عام 1972 تم تصوير بعض الشواهد التي تدل على إمكانية تواجد الماء على سطح الكوكب في وقت ما في الماضي (من بلايين السنين)، وكانت هذه الصور تظهر آثارًا لقنوات تدفق كبيرة، يتفرع منها شبكة من الأودية الصغيرة، وقد تساءل العلماء كثيرًا: أين يمكن أن تكون قد ذهبت تلك المياه ؟!
استعدادات للذهاب على المريخ
أعلنت ناسا في 5 ديسمبر 2014 باعتزامها إجراء اختبارات طبية على رائد فضاء لفحص ظروف سفريات فضائية طويلة الأمد وتأثيرها على الإنسان. هذا إلى جانب ما تجرية ناسا من اختبارات على المركبة الفضائية أوريون المعدة لتلك الرحلة إلى المريخ. وقد اختارت ناسا رائدي فضاء “سكوت كيلي ” و “مارك كيلي” ، وهما توأم وهذا ما يساعد على إنجاز الاختبارات الطبية والنفسية بحيث تعطي نتائج يمكن الاعتماد عليها فيما بعد . سيقلع “سكوت ” إلى مدار حول الأرض يوم 28 مارس 2015 ليبقى في الفضاء لمدة عام كامل ، بينما يبقى أخوه “مارك” على الأرض وتجرى علية نفس الاختبارات ؛ ويكون كمرجع للاختبارات للتعرف على تأثيرات الفضاء وحالة انعدام الجاذبية على رائد الفضاء.
الميزة في التوأم سكوت ومارك هو أن لهما نفس التفصيلة الجينية مما يتيح التعرف على تأثيرات انعدام الجاذبية على سكوت لمدة عام ومقارنتها بنتائج الاحتبارات على “مارك ” الذي سيبقى على الأرض خلال نفس الفترة.