موضوع: نوري الراوي قامة كبيرة في الفن التشكيلي العراقي الإثنين يناير 18 2016, 01:18
الراوي الذي بدأ حياته الفنية منذ العام 1937 بعد أن بدأ يكتب في الصحافة العراقية حينذاك عن التجارب الفنية الشابة والفلسفات التي أدت إلى تغيير مجرى اللوحة التشكيلية في العالم، لم يخرج عن بيئته التي ولد فيها على الرغم من تجاربه الطويلة مع الرسم والكتابة في مختلف الفنون، فقد كان يرتقي في طفولته التلال قرب مدينته راوة، ليطل منها على نهر الفرات، والبساتين، والنخيل، وبيوت المدينة وقبابها. فشكّل هذا المزيجُ الجميل فردوسَه المتخيَل، الذي واصل رسمه منذ ثمانية عقود وحتى الآن، لتتجدد فيه الموسيقى والشعر والألوان والصوفية، استعادةً للطفولة والاكتشافات الأولى، والدروس وزملاء الفن والحياة، والوالد الذي كان شغوفاً ببناء الدور بقبابها، وتزويق نوافذها من الجص الأبيض الرائق والحجر. ولد الراوي في مدينة راوة (إحدى مدن محافظة الأنبار غرب العراق) في العام 1925، ولم يتمكن من الخروج منها في أغلب أعماله التشكيلية، فقد بقي الطين وتنوعاته هاجسه الكبير، ومما يحسب له، أنه أول من رسم الجدارية في العراق، ففي عام 1945 حين كان معلماً في مدرسة راوة رسم على حائط الصف الخامس جدارية تمثل منظراً طبيعياً، والغريب في الأمر’ أنه استخدم أصباغ الأقمشة وكانت على شكل (باودر) جلبها معه من بغداد. كما أنه أول من أدخل تراجم الفنانين في العراق مع صورهم.. وفي العام 1962 كان أول من أسس متحف الفن الحديث بعد معاناة كثيرة ليفتتحه حينها الزعيم عبد الكريم قاسم. ومن ثمَّ فإن الراوي أول من استحدث صفحة ‘فن’ في الصحافة العراقية وكان يحررها في جريدة الزمان وكتب فيها عن السينما والفن التشكيلي. اشتهر الراوي برسم القباب والنواعير والبيوت الغارقة في السحر، إلا أنه لم يرغب برسم المناظر الطبيعية ولا اللوحات الانطباعية، مكتشفاً أن القباب البيضاء، التي صنعها البناؤون الشعبيون، تنطوي على روحانية وجمال أخاذ، لازم روحه على مدى عقود، ويرى في حوار معه أن المتصوف محي الدين بن عربي اختصر دلالة القباب الفلسفية عندما قال فيها: ‘ما القُبة إلاّ وصفُ اللامتناهي’.
نوري الراوي قامة كبيرة في الفن التشكيلي العراقي وهو من رواد الحركة التشكيلية ومن المؤسسين لها في العراق بجانب جواد سليم وفائق حسن وحافظ الدروبي وآخرين وهو آخر العنقود من تلك المجموعة الرائعة التي أسست للريادة، وقد واكب الراوي تطور الحركة التشكيلية في العراق على مدى اكثر من 70 عاما وكان عنصراً فاعلاً وشاهداً عليها بحيث امتزج تاريخ الحركة التشكيلية بتاريخه الشخصي واستطاع أن ينجز أسطورته الفردية بجهد ذاتي،